النهار

٣١ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٣١ اكتوبر-٢٠٢٥       23210

بقلم - تركي عبدالرحمن مبارك البلادي

منذ أن أطلق صاحب السمو الملكي الأمير  محمد بن سلمان  بن عبدالعزيز آل سعود – ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء – رؤيته الطموحة “رؤية المملكة 2030”، تغيّرت لغة الاقتصاد السعودي من الاعتماد إلى الابتكار، ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن انتظار الفرص إلى صناعتها. وفي قلب هذه التحولات يقف الاستثمار كركيزة أساسية يقودها الأمير الشاب بعقلية اقتصادية متقدمة، وبإصرار لا يعرف التراجع.

لم يعد الاستثمار في المملكة خيارًا للنخبة أو للمؤسسات الكبرى فقط، بل أصبح فرصة مفتوحة للجميع، تقودها سياسات محفّزة، وأنظمة مرنة، وشراكات نوعية مع القطاع الخاص المحلي والعالمي. فالأمير  محمد بن سلمان  أدرك باكرًا أن القطاع الحكومي مهما بلغت كفاءته، لا يمكنه وحده أن يحمل طموحات وطنٍ بحجم المملكة، وأن إشراك القطاع الخاص ليس مجاملة اقتصادية، بل ضرورة تنموية تصنع التوازن وتفتح آفاق الابتكار.

لقد استطاعت القيادة السعودية، عبر رؤية ولي العهد، أن تحوّل القطاع الخاص من متلقٍ للفرص إلى صانعٍ لها، ومن متابعٍ للمشروعات إلى شريكٍ في رسمها وتمويلها وتنفيذها. واليوم نشاهد شركات سعودية تتصدر مؤشرات النمو في قطاعات التقنية والطاقة والسياحة والترفيه والرياضة، بعد أن كانت هذه القطاعات شبه غائبة عن الخارطة الاستثمارية سابقًا.

التحول الأبرز في فلسفة الأمير  محمد بن سلمان  الاقتصادية هو التركيز على جودة الاستثمار وليس كميته. فالرؤية لم تُفتح لاستقطاب رؤوس الأموال فقط، بل لخلق بيئة استثمارية متوازنة تحترم الاستدامة، وتمنح المستثمرين الثقة، وتضمن للمجتمع أن العائد يعود على جودة الحياة وفرص العمل. وهذا ما يظهر جليًا في مشروعات ضخمة مثل نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، وروشن وغيرها من المبادرات التي تمثل مدرسة جديدة في التفكير الاستثماري.

إن إشراك القطاع الخاص في التنمية لم يعد مجرد شراكة اقتصادية، بل أصبح تحالفًا وطنيًا يجمع الحكومة والمستثمر والمواطن في مسار واحد، هدفه رفاه الوطن واستدامة الازدهار. والنتيجة أن المملكة تحصد اليوم ثمارًا اقتصادية غير مسبوقة، وتتصدر مؤشرات النمو في الشرق الأوسط، بينما تتجه أنظار العالم إلى الرياض كعاصمة جديدة للاستثمار والتطوير.

في كل مرة يتحدث فيها الأمير  محمد بن سلمان  عن الاقتصاد، يُشعل حماس الشباب والمستثمرين، لأنه يتحدث بلغة الفعل، لا بلغة الوعود. ولأنه يدرك أن بناء المستقبل لا يكون بالانتظار، بل بالمبادرة والتخطيط والشراكة الفاعلة بين الدولة والقطاع الخاص.

اليوم، وبعد تسع سنوات من انطلاق الرؤية، يمكن القول إن الاستثمار أصبح هوية وطنية جديدة، تعكس ثقة القيادة في قدرات المواطن السعودي، وتؤكد أن المملكة لا تراهن على النفط بقدر ما تراهن على الإنسان والإبداع والانفتاح الواعي على العالم.

عن الكاتب: كاتب صحفي وباحث تربوي